حكم زكاة الحلي المعد للاستعمال



حكم
زكاة الحلي المعد للاستعمال




س/ هل تجب الزكاة في الحلي المعد
للاستعمال ؟



هذه المسألة فيها خلاف بين أهل
العلم رحمهم الله.



والراجح وهو مذهب الأئمة الثلاثة : مالك والشافعي وأحمد وجماهير
الصحابة وعامة العلماء أنه ليس في الحلي المعد للاستعمال زكاة.



واستدل هؤلاء بأدلة :



الدليل الأول : صح عن عائشة - رضي
الله عنها - أنها كانت لا تخرج الزكاة عن الذهب إذا اتخذ حلياً .



الدليل الثاني : صح عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه لا يرى في الذهب الذي اتخذ
حلياً زكاة .



بل هذا ثابت عن خمسة من الصحابة،
قال أحمد: خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: ليس في الحلي
زكاة. ويقولون: زكاته عاريته.



الدليل الثالث : أن الذهب إذا اتخذ
على هيئة الحلي فإنه يشبه أدوات القنية أكثر من شبهه بالأموال النامية فهو يشبه
الملبوس والمركوب والسكن وآلات القنية أكثر منه شبهاً بالأموال الزكوية الأخرى
باعتبار أن المناط المشترك أو القاسم المشترك بين الأموال الزكوية قبولها للنماء
وهذا الذهب غير قابل للنماء باعتبار أنه معد للاستعمال .



فهذه ثلاثة أدلة تدل على عدم وجوب
الزكاة في الحلي



القول الثاني :



وهو مذهب الأحناف ومال إليه ونصره
بقوة ابن حزم وكثير من المتأخرين . أن الزكاة تجب في الحلي المعد للاستعمال .



واستدل هؤلاء



بقوله تعالى {... والذين يكنزون
الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } [التوبة/34] . ولاشك
أن الحلي ذهب أو فضة .



والجواب على هذا الدليل : أن الكنز
في لغة العرب واستعمال الشارع لا يطلق إلا على الدراهم والدنانير دون الحلي فإن
الحلي لا يسمى في اللغة ولا في العرف : كنزاً .



ويدل على هذا المعنى أنه سبحانه
وتعالى قال : {...ولا ينفقونها.. } والتي تنفق هي الدراهم والدنانير لا الحلي
المعد للاستعمال فإن الحلي المعد للاستعمال لا ينفق وإنما يبقى للاستعمال .



فهذا الدليل الأول وجوابه .



الدليل الثاني : استدلوا أيضاً بالعمومات
من السنة : ــ كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :(وفي الرقة ربع العشر) .



ــ وكقوله - صلى الله عليه وسلم
-:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها ...) الحديث .



والجواب عليه : أن الرقة والفضة
تطلق في العرف والاستعمال على المضروب دون الحلي .



فما أجبنا به عن الآية هو الجواب عن
نصوص السنة العامة وهو أنه يقصد بالذهب والفضة في هذه النصوص الدراهم والدنانير
التي تتخذ للإنفاق والتنمية دون الحلي فإنها لا تدخل في منطوق هذه النصوص .



الدليل الثالث : حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة دخلت على النبي
- صلى الله عليه وسلم - وفي يدها مسكتان من ذهب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
(أتؤدين زكاة هذين) . قالت: لا . قال :(أيسرك أن يطوقك الله بهما طوقين من نار يوم
القيامة) .



ونحوه حديث عائشة - رضي الله عنها -
نحو حديث عمرو بن شعيب تماماً .



ونحوهما حديث أم سلمة - رضي الله
عنها



فإن ألفاظ هذه الأحاديث الثلاثة
متقاربة .



أجاب الجمهور عن هذه الأدلة بجوابين :



ــ الجواب الأول : أن المقصود في
هذه النصوص : العارية وأن هذا فهم الصحابة فإن الصحابة فهموا أن زكاة الحلي
بإعارته .



ــ الجواب الثاني : أن هذه الأحاديث
ضعيفة . وممن ضعف هذه الأحاديث الحافظ الترمذي فإنه قال في السنن : ولا يصح في هذا
الباب شيء .



وممن ضعف هذه الأحاديث ابن حزم فإنه
قال : في وجوب زكاة الحلي آثار ضعيفة . فهو رحمه الله يرى وجوب الزكاة لكن مع ذلك
يضعف جميع الأحاديث فهو يعتمد في الوجوب على العمومات.



وممن أشار إلى ضعفها أيضاً الإمام الشافعي
فإنه أشار إلى أنه لا يثبت في وجوب زكاة الحلي شيء .



والذي يظهر والله أعلم وأن الجواب
الثاني هو الأقرب أي أن هذه الأحاديث لا تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.



الدليل الأخير لهم : ثبت عن ابن
مسعود أنه يرى وجوب الزكاة في الحلي .



ونقل عن غيره لكن الصواب أنه لا
يثبت القول بوجوب الزكاة عن أحد من الصحابة إلا عن ابن مسعود فقط . وقد صرح بهذا
عدد من الحفاظ .



وابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ سكن
الكوفة وفقهاء الكوفة أخذوا عنه هذا القول.



والراجح والله أعلم بالصواب : أن
الأقرب للآثار وللمعنى المفهوم من الزكاة عدم وجوب زكاة الحلي



والله تعالى أعلم وصلى الله على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



كتبه /أحمد الخليل



: 31-03-2013
طباعة