المقال
حكم الوصية |
حكم الوصية الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : أما بعد : فإن من المسائل الفقهية التي يكثر السؤال عنها وتمس الحاجة لبيانها مسألة " حكم الوصية "، وقد تكلمت عن هذه المسألة في شرحي للزاد ورأيت أن أفردها بالنشر على موقعي، وقد أسندت تنسيقها للمشرف العلمي على الموقع ، فقام بتوثيق النقولات وتخريج الأحاديث ، كما أنه وقف على بعض النقولات المفيدة فوضعها بين قوسين إتماما للفائدة .
أقسام الوصية الوصية تنقسم إلى قسمين : ـ القسم الأول:إذا كان الإنسان عليه دين من ديون الآدميين وليس هناك بينة عليه ، أو عنده حق من حقوقه كالودائع والقرض وغيرها (ويخشى على نفسه الموت) فالوصية في هذه الحالة واجبة بالإجماع [1] ؛ (لأن الله تعالى فرض أداء الأمانات، وطريقه في هذا الباب الوصية، فتكون مفروضة عليه [2]. فإن لم يخش على نفسه الموت فتجب الوصية أيضا عند المالكية [3]، والحنابلة [4] ؛ لعموم ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»[5] . ووجه الدلالة أنه لم يفرق بين حال الصحة والمرض ، وخوف الموت وعدمه . والقول الثاني : أنه لا يجب إذا لم يخف الموت على نفسه ، وهو المعتمد عند الشافعية [6].
ـ القسم الثاني: الوصية للوالدين والأقربين غير الوارثين :
وقد اختلف العلماء في حكم الوصية لهم على قولين : القول الأول : أن الوصية لهم سنة ، وهذا مذهب الجماهير من علماء المسلمين والصحابة ، وهو مذهب الأئمة الأربعة ، وحكي الإجماع عليه. [7] أدلة هذا القول : استدل الجمهور على أنها سنة بما يلي : 1- قوله تعالى: { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية} [البقرة/180] . وقالوا: المنسوخ في هذه الآية الوجوب دون الاستحباب، كما أن المنسوخ أن تكون لوارث دون الأقرباء غير الوارثين. 2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»[8] . واستدلوا على عدم الوجوب : " بأن أكثر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل عنهم وصية، ولم ينقل لذلك نكير، ولو كانت واجبة لم يخلوا بذلك، ولنقل عنهم نقلا ظاهرا "[9]
القول الثاني: أن الوصية للأقرباء غير الوارثين واجبة وهو قول الظاهرية [10]، ونسب للشافعي في القديم واختاره ابن جرير ، وروي عن الزهري ، ومسروق ، وطاوس ، وقتادة ، والحسن وأبي مجلز وأبي بكر عبد العزيز[11] . واستدلوا على الوجوب : بقوله تعالى: { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية} [البقرة/180] . ووجه الدلالة : أن الآية أمرت بالوصية وعبرت عن ذلك بكتب والمنسوخ في الآية ليس الوجوب وإنما الوصية للوارثين فيبقى ما عداهم على أصل الوجوب. ورجحوا هذا بأن النسخ لا يصار إليه مع إمكانية الجمع كما هو مقرر في علم أصول الفقه. وهنا نستطيع أن نجمع بين النصوص التي فيها الحث على الوصية والأمر بها وبين الآية بأن المنسوخ ما يكون في حق الورثة .
الترجيح : الراجح: أن الوصية سنة بلا إشكال ولا تردد ، وما كان لنا أن نقول الوصية واجبة وغالب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوصوا ؛ لأن هذا معناه أنهم تركوا واجباً . ومهما قيل من اعتذار عن هذا الدليل فليس بقوي ما دام أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سادات الخلق وأتقاهم وأورعهم وأفضلهم وأقربهم وأعرفهم بكتاب الله وسنة رسوله غالبهم لم يوصوا فلا مجال للقول بالوجوب. [1] بدائع الصنائع 07/330) ، الذخيرة (7/9) ، مغني المحتاج (3/39) ، الشرح الكبير مع الإنصاف (17/193) . [2] المغني لابن قدامة (6 / 137) . [3] الذخيرة (7/9) . [4] الشرح الكبير مع الإنصاف (17/193) . [5] صحيح البخاري (2738) [6] نهاية المحتاج (6/40) . [7] أحكام القرآن للجصاص (1/229) ، التمهيد (14/294) ، مغني المحتاج (4/66) ، مطالب أولي النهى (4/517 ) . [8] صحيح البخاري (2738) . [9] المغني لابن قدامة (6 / 138) . [10] المحلى (9/318) . [11] المغني لابن قدامة (6 / 137) ، فتح الباري (8/35) ، نيل الأوطار (6/33). |
|
الوصلات الاضافية | ||||
عنوان الوصلة | استماع او مشاهدة | تحميل |
روابط ذات صلة
المقال السابق | المقالات المتشابهة | المقال التالي |